الصفحة الرئيسية
>
قــصـــة
السجين المظلوم حدث موسى بن صالح الأسدي، أنه رأى في منامه كأن النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول له: أطلق القاتل، فارتاع لذلك روعا، عظيما ونظر في الكتب الواردة لأصحاب الحبوس فلم يجد فيها ذكر قاتل.
وأمر بإحضار السندي وعباس ـ وهما على الحبوس ـ وسألهما هل رفع إليهما أحدى ادعى عليه بالقتل؟ فقال عباس: نعم، وقد كتبنا بخبره.
وأعاد النظر، فوجد الكتاب في اضعاف القراطيس، وإذا بالرجل قد شهد عليه بالقتل وأقربه، فأمر بإحضاره.
ودخل عليه الرجل، فرأى ما به من الارتياع، فقال له: إن صدقتني أطلقتك وابتدأ الرجل يخبر موسى بخبره، وذكر أنه كان هو وعدة من أصحابه يرتكبون كل عظيمة، ويستحلون كل محرم، وأنه كان اجتماعهم بمنزل في مدينة أبي جعفر المنصور ـ جزء من بغداد ـ يعتكفون فيه على كل بلية، فلما كان في هذا اليوم، جاءتهم عجوز كانت تختلف عليهم للفساد، ومعها جارية بارعة الجمال، فلما توسطت الجارية الدار، صرخت صرخة عظيمة، فبادرت إليها من بين أصحابي، فأدخلتها بيتا وسكنت روعها.
وسألتها عن قصتها فقالت: الله الله رمي، فإن هذه العجوز خدعتني وأعلمتني أن في خزانتها حقا لم ير مثله، وشوقتني إلى النظر إلى ما فيه، فخرجت معها واثقة بقولها، فهجمت بي عليكم وجدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمي فاطمة، وأبي الحسن ابن علي، فاحفظوهم في.
قال الرجل: فضمنت خلاصها، وخرجت إلى أصحابي ، فعرفتهم بذلك، فكأني أغريتهم بها، وقالوا: لما قضيت حاجتك منها أردت صرفنا عنها.
وبادروا إليها، وقمت دونها أمنع عنها، فتفاقم الأمر بيننا إلى أن نالتني جراح، فعمدت إلى أشدهم في أمرها وأكلبهم على هتكها، فقتلته، ولم أزل أمنع عنها إلى أن خلصتها سالمة.
وتخلصت الجارية آمنة مما خافته على نفسها، فأخرجتها من الدار، فسمعتها تقول: سترك الله كما سترتني، وكان لك كما كنت لي.
وسمع الجيران الضجة، فتبادروا إلينا والسكين في يدي، والرجل يتشحط في دمه، فرفعت على هذه الحالة.
قال له موسى: قد عرفت ما كان من حفظك للمرأة، ورعيتك الله ورسوله.
قال السجين: فوحق من وهبتني له، لا عاودت معصية ولا دخلت في ريبة، حتى ألقى الله.
وأخبره موسى بالرؤيا التي رآها، وأن الله لم يضيع له ذلك.
وعرض عليه مالاً واسعا فأبى قبول شيء من ذلك!
لقد تاب توبة نصوحا، وكانت توبته لله تعالى فتساوى في نظره المال والتراب.
المزيد |